الأحد، 11 يوليو 2010

ثقبٌ في جدار

لم يختلف نهارُ الأمس كثيرًا عن سابقه ، العصافيرُ ذاتها عند نافذتي تشدو لتداعبَ يقظتي 
و الشمسُ كالبارحة لم يخفّ وهجها بعدْ
كل شيء بدا كما تركته أربعة و عشرين ساعةً مضتْ
الجهازُ المحمول على الأريكة المقابلة للتلفاز ، و أمامه على المنضدة كيسُ البطاطا المفضل لديّ
و نصف زجاجة الماء المثلجة قربُ المضجعْ
مرّ اليومُ خفيفاً ، شبيها بما سبقه سوى من ثقب صغير في الجدارْ
أردتُ ليومي تغييرا ، فراقبتُ الفتحة و صويحباتها من النملْ
 حبةٌ قرب الجدارْ ، و نملة تدفع بها إليه .. دونَ جدوى !
تمسكها بيديها ، من فيها ، تدفعها بكل جسدها ... عبثاً
تأتي أخرى لتُساعدْ
يدفعانها من الخارج سوياًِ .. فواحدةً بالداخل تسحبْ و الأخرى خارجاً تدفع
و لكنْ .. هباء
يدخلا سوياً للمسكن ، يغيبا لفترة ثم يعودا بإصرارٍ أكبرْ
و بالرغم من وضعي لحبة أخرى توائم الفتحة لتصرفهم عن الأخرى الكبيرة المتعبة ، و أخذهم لها
إلا أن الرغبة فيهم لم تخمدُ لإدخال الحبة الكبرى ..

كلُّ من في الدارِ .. سكنْ 
إلاّ أرباب تلك الحفرة  !

و بعد أكثر من ثلاثين ساعة متواصلة ، تمتّ للنمل مهمتّه
و أدخلوا الزادْ
ـ

تذكرتُ و أنا أراقبُ المثل القائل ( مد رجلك على قد لحافك ) و كيف أن  كثيرًا منا اليوم يخافُ أن يحلم حلُما كبيرًا
أو يقوم بمغامرة خارج نطاق العادة في محيطه ، كيف أننا نستهينُ بقدراتنا و نعزي أنفسنا بالفروق الفردية و كفى ،، دون  أدنى محاولة للتجريب  !
النملة التي جلبت الحبة لم تراعي فتحة الجدار الصغيرة 
صحيحٌ أن الحبة كانت كبيرة بعض الشيء ، و لكنها لم تكن أكبر من همةٍ كانت فيهمْ

أوَ نغبطُ عالمَ النمل لأنه محظوظٌ كونه لم يخضع لأيدلوجيات و أمثال متوارثة  تعيقُ حركته ؟
أم نبدأ في توسيعِ الثقوب التي أنشأنها في جدارنا يوما ما ؟




هناك 7 تعليقات:

  1. فاطمة لا حرمنا قلمك
    قلم مميز و انامل خطت أروع الحروف بالكلمات
    ماشالله تبارك الله
    احب ان اقرا لك
    الجورية

    ردحذف
  2. من الجميل ان نرى العمق في الاحداث او الاشياء التي من حولنا او مايسميه البعض البعد الاخر فلكل شيء معنى اخر يصل اليه من يمتلك البصيره وليس البصرفقط ..كثير من يرى مشهد النملة الذي وصفتيه ولكن لا يرى العبرة التي رأيتها ..فتح الله عليك ورزقك نور البصر مع البصيرة ..بوركت

    ردحذف
  3. فــــــاطمه ,,

    أين أنت\ ياغااااااالية ,,,
    اشتقت لك ,, و لكلماتك الجميلة ,,

    دائما ما أزور المدونة لأرى الجديد ,,


    لا تطيلي علينا ,, و (وحشتني أيامك : ( _)

    و مبرووووك الخطوبة ياغالية ,, الله يحفظك و يسعدك ,,


    خلينا نشوفج قررررررريب ..



    وجـــد / ان

    ردحذف
  4. النمل عالم عجيب سبحان من خلقهم ,
    وليتنا ندرك عظمة أرواحنا إن امنا بها فقط !

    كلماتك كسلسبيل عذب يافاطمة , لاتبخلي علينا (f)


    إسراء اسكوبي

    ردحذف
  5. الغالية فاطمة:
    أسلوبك رااائع ماشالله كونه يعكس تجربة حية ومثالا لروعة التفكر في مخلوقات الله..

    فعلا إن بنينا حياتنا على ذاك الروتين الممل بعيدا عن التجارب الجديدة والمغامرات الهادفة والاحلام الكبيرة
    فإننا نفتقد عندها طعم الحياة الموصل للسعادة بل ستتوقف عندها حياتنا عن النماء ..
    هذه الخاطرة ذكرتني بمقولة روبرت شولر عندما قال أحدهم له:
    "ياشولر الموقر,آمل أن تعيش حتى ترى كل أحلامك وقد تحققت"
    فقال له:"لاآمل ذلك
    لأنني إن عشت وكل أحلامي محققة.
    إنني إذن لميت"
    فالأحلام التي لم تتحقق
    هي التي تجعلنا نحيا لتحقيقها.

    محبتك:رائدة مرشد :)

    ردحذف
  6. قلم متميز فعلا .. يحرك في النفس أوتارها ويثير الفكر بمزيد من التفكر والانصات للعالم من حولنا ..
    جزاك الله كل خير على كلم متدفق ينبض بالحياة ..
    وعذرا على تأخري ..

    ردحذف