الخميس، 17 سبتمبر 2009

قبل أن نودّع رمضان

باسم الأوّل ،،
الرحيم الذي أنعم علينا أول هذا الشهر بقطراتِ مطرٍ أسكنتنا رحمةْ
الغفور الذي لم يزل يتوددُ إلينا بالنّعم ، متبغضين له بمعاصي لا حصر لهَا
و مع ذلك أبواب جناته مفتوحة ،
ليُكتب في كل ليلةٍ عبادٌ بأنهم خارج أسوار النارِ عتقاً منها _
بسم الله ..
شهورٌ كثيرة مرت ، منها مالم نشعرُ بها أبدًا لانهماكنا في عملٍ ، دراسة ٍ، سفر ، أو أي ارتباطٍ آخر .. حتى أضحينا نتذكر الشهور بحدثٍ معين تم فيها بغض النظر عن الأيام و تفاصيلها .. اعتدنا كما علمونا في درس القراءة أن نستخرج " الفكرة العامة " من القطعة ، فنرفعُ أيادينا الصغيرة طمعاً في الإجابة التي لا تتجاوز في أكثر الأحيان _ سطرًا و نصفْ .
و كنّا كثيرًا ما نتهرّب من " العناصر الأساسية " كونها تحتاج لجهدٍ أكبر ، و لخوضٍ في التفاصيلْ ،
فينتهي الأمر بإجابة المعلمة نفسها لنفسها ، كاتبةً خمسةً إلى سبعة عناصر على السّبورة .... لننقلها نحنْ !!
و بهذا تشكّلت حياتنا ، و أصبحنا للأسف لا نجيد محورةَ التفاصيلْ .
انتزعنا حقّ البركة من الوقت ، و لم نَلُم أنفسنا .
بتنا نهدهد أنفسنا بزفرة أسى أن هذه علامةٌ لقرب يوم القيامة ، .. و أيضاً ، لم نَلم أنفسنا !!
و في النهاية لم نهتم كثيرًا ، لأننا نطيب خواطرنا بأخذنا الفكرة العامة من الموضوع مجملاً .. إما - بمناسبة رمضان - ختمةٌ كاملةٌ للقرآن
و الله وحده يعلم إن كانت بتدبّر أم لا ، أو صلاةٌ لتراويحٍ أو تهجّد في مكانٍ ما ..
لا ريبَ إن أخرّنا صلاةُ الفريضة ، أو جمعنا ظهرًا مع عصرًا ، أو قصّرنا في النوافل التي اعتدنا عليها ... لأننا سنعوّضها في التراويحْ ..
هكذا أحياناً ... نفكّر !
و لا ريبَ أيضاً إن قضينا اليوم كلّه في النوم ، لأننا سنعوّض هذه المرة ليس بتراويحٍ فحسبْ .. بل و بركعات تهجّد .. !
و هكذا يمرُ .. رمضان .. و يأتي آخر ،
و الوتيرة على حالها - هذا إن لم تتضاءل تدريجيا من سنةٍ لأخرى ،، !!!
ينتهي رمضانْ ، بلا استغلالٍ تامٍ يوافقُ هكذا شهرْ - ليس لأننا انهكمنا في مشاهدة مسلسلات سرعانَ ما تتسابق باقي القنوات على بثّها بعد رمضان مباشرة ، و لا لأننا صائمون في شهري الصيف الحارة أغسطس و سبتمبرْ ، و لا لأي سبب سطحيٍ قد يبدر إلى أذهاننا ،،
و إنما لسببٍ واحد مضى على كل الشهور السّابقة ، و انسحب بطبيعة الحال إلى رمضانْ ، ألا هو عدم اهتمامنا بالتفاصيل ، العناصر الأساسية - أو بمرادف إداري _ التخطيط !
لو أننا كل شهرٍ نعيشُ يوماً .. يوما ، مجدولاً بمهامٍ تتناسب و طبيعة اليوم ،
لو أننا نستقبل كلّ يومٍ بسجدةِ شكرٍ لله ، أننا ما زلنا أحياء ، و أنه تعالى أعطانا يوماً من عمرنا جديدًا .. نعاهده فيه أن نقدّم الأفضل جاعلين من العصفورِ المغرد على طرف النافذة ، شاهدًا لنا !
لو أننا فقط .. أدركنا عدم خلودنا و أن كل لحظةٍ قد تكونُ .. أخيرة ، فنسعى لاستغلالها بكلّ الخيرْ ، لما ضاعتِ الأشهر علينا عبثاً .. و لما ضاعَ عُمرُنا !
لذلك فإننا قبل أن نودّع رمضان ، علينا توديع بذور التسويف و اللامبالاة فينا .
علينا البدء في استحداثِ عادات جديدة نحقق فيها أقصى استغلال ممكنٍ لأيامنا ، فإذا ما انقضى شهرٌ كامل احتفظنا بمذكرةٍ كاملة له بكل أيامه .. عوضاً عن السطر و النصف الذي نجود به أسبوعياً أو غالبا شهرياً على دفتر مذكراتنا - هذا إن كان يوجد أصلاً .. !
لنوّدع رمضان بمواجهة أنفسنا ، عازمين على البدءِ في التغيير من اللحظة ،،
مستقبلين العيدَ بروح جديدة و بيدنا أجندةٌ لأيامنا معلّق في طرفها قلمْ ، نسجلّنا فيه يوماً بيومْ .
و في ليلة العيدِ نسجّل اعترافنا بقصورنا ،،
راجين من اللهِ كل الفوزْ و أن يبلغنا رمضان العام القادم برضىً منه و توفيق !
فاطمة بنت جمال الحارثي
27 رمضان 1430هـ
17 سبتمبر 2009 م

هناك تعليقان (2):

  1. ماشاءالله , مَقالّ أكثر من رائع

    ويرسم جوانباً كثيرة مهملة في حياتنا

    للأسف أقرب مثال لمّا يحدث في رمضان وبعده صفوف المصلين في المساجد التي تتقلص إلى أقل من النصف بعد شهر رمضان مباشرة !

    وبدل من أن يكون رمضان بداية لوقفة جادة مع النفس يصبح الشهر الذي تكدس فيه العبادات وتنتهيِ ! وكأنه محرم علينا ممارستها في غير رمضان !

    _ كتابة خطة لليوم أنجح وأفضل طريقة لإستغلال الوقت وتنظيمه لكنّ يلزمها الأعتياد على عادة لم نتعلمها يوماً !
    لدّي عدة مذكرات لكن للأسف أغلبها تتوقف الكتابة بها في العشر أيام الأولى من الشهر :(

    سأحاول من جديد رسم الخطط اليومية , علنّي اعتادها هذهِ المرة ^^

    " لو أننا فقط .. أدركنا عدم خلودنا و أن كل لحظةٍ قد تكونُ .. أخيرة "

    لمّ أجد يوماً دافعاً يحفزنيِ أكثر من هذهِ الفكرة:) .


    بورك مدادك يا نقاء
    كتبك الله من عتقاء شهره الكريم
    وأعاده عليك بكل الخير (f)
    وكل عيد وانتِ ترفلين بثياب من صحة وجمال :)

    زهرة وحلوى عيد ^^ .

    ردحذف
  2. هكذا حالنا .. ما أن يعلن رمضان رحيله حتى نندم أننا ضيعنا الأوقات.!

    و فعلااً كما يُقال :" تخطيط ساعة يوفر عليك عمل ثلاث ساعات",

    التخطيط مهارة , وكثير منا يجهلها ..!

    و كما قلتِ لو كل شخص حط بباله ان لن يخلد لفعل الشيء الكثير لدار الخلود إيقاناً منه أن الدنيا ليست الا دار فناء!!

    تدرين .. أكثر شيء يأثر : لما نشوف جنازة شيخ أو مفتي أو داعيه .. وكيف الآآآآلف يدعون له و يبكونه .!!

    :


    دُمت لنا يافاطمه ..
    وكل عام وانتي بخير ,,

    وجــــد


    http://orkid1.blogspot.com/ يشرفني مرورك في مدونتي الجديده :)

    ردحذف